الشيخ عبد الله الفضيل طوير الزوى .. - بلادنا ... وقفٌ عليها الحب

بلادنا ... وقفٌ عليها الحب

مدونة تهتم بنشر تاريخ ليبيا والاحداث التي مرت بها خلال الحقب الزمنية المختلفة

اخر الأخبار

اعلان

اعلان

احصل على القالب من عالم المدون

الشيخ عبد الله الفضيل طوير الزوى ..



مَن هو هذا الفارس الشهيد الذي ملأتْ الأسماعَ والأبصارَ مآثرُه وبطولاتُه ؟.. إنه الشيخ ( عبدالله الفضيل بومرزوق ) ...الملقب ( اطوير ). من قبيلة ( ازوية ) .. بيت( اجلولات ) ،عيت (مرزوق ) .. وٌلد قي الكفرة تقريبا سنة 1860ف. .. وأمّه هي ( الدايخة غيضان ) من عائلة (المجلوم) ، بيت (شاهين) بقبيلة العبيدات .. ومن المرجَّح أنه تلقّى تعليمه الأوَّلي في كتّاب النجع .. ثم تاقت نفسه إلى الاستزادة من علوم الدين والفقه ، فشدَّ الرحال صوب الجغبوب ومدرستها الشهيرة ، التي آوت إليها الكثير من أقطاب الجهاد والفقه آنذاك .. وكان من زملائه على مقاعد الدرس بالجغبوب الشيخ الشهيد (عمر المختار) . ظل عبد الله الطوير ينهل من كتاب الله العزيز ، وينذر نفسه له .. يتعّهده بالقراءة والحفظ والمداومة ( وتحتفظ زاوية الجغبوب بمصحف مكتوب بخط يد عبد الله الطوير ) .. وبعد انتقال الولاية للسيد المهدي السنوسي ، رأى أن ينتقل من الجغبوب إلى الكفرة ، حيث أسَّس زاوية( التاج )الشهيرة هناك .. فانتقل الشيخ عبدالله طوير مع مَن انتقل إلى واحة الكفرة ، موئل قبيلته ازوية (جوّابة الصحراء ) وكان هناك إمام مسجد. تم رافق الشيخ المهدى السنوسى الى قرو سنة 1899م تم تكليفه فى رحلة استطلاعية مع الشيخ عمر المختار الى منطقة عين كلكة حيث تزوج هناك بنت شيخ قبيلة ككردى بعين كلكة و فتح هناك زاوية كلكة وبعد استشهاده سنة 1913 تم ترحيل زوجته (وزينة) التى كانت فى اشهر الأخيرة للحمل الى ليبيا حيث انجبت ولد (أحمد) قى الكفرة وحيث بعد سنتين زوجها المجاهد البطل قجة عبدالله فى ليبيا. كان الليبيون المتواجدون في تشاد يخشون من أن يقضي مجيء القوات الفرنسية ( النصرانية ) على ما بناه المسلمون في هذه المناطق البعيدة .. فالدعوة السنوسية كان لها نفوذ إسلامي كبير خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر في ( بوركو ) و ( أنيدي ) و ( تبيستي )Borkou-Ennedi-Tibesti و ( كانم )Kanem و ( واداي ) Ouaddai ، حيث انتشرت الزوايا السنوسية في معظم المناطق التشادية * .. وعليه فإن الدفاع عن تشاد صار لدى الليبيين واجباً تفرضه العقيدة الإسلامية ، إذ وقف الليبيون إلى جانب الشعب التشادي المسلم المسالم .. يقاومون المدِّ التنصيري الفرنسي ، فيما عٌرف بحرب الأنصار ( 1899 ـ 1913 ) .. وفي هذا يقول الطيب الأشهب أيضاً : " إن المجاهدين جمعوا ما يزيد على ثلاثة آلاف وثمان مئة جمل للانتقال من الكفرة إلى قُرو ( Gouro ) .. وكان من بين من ساهم في تنظيم وقيادة الحرب عددٌ من المجاهدين ، مثل : عمر المختار ، عبد الله الطوير ، غيث عبد الجليل ، البراني الساعدي ، محمد السنّي ، محمد بوعقيلة ، صالح بوكريّم ". والحديث عن هؤلاء الأبطال يملؤه الفخر والعزة ، ويحوطه الإعجاب والاعتزاز بهؤلاء الأشاوس الذين لبّوا نداء ربهم ، متنكِّبين أسلحتَهم وعزائمهم لمناصرة إخوانهم في أرض أفريقيا البعيدة ـ القريبة .. فحيث الجهاد هناك موطنهم . ومن بين الخالدين الذين يذكرهم الله ـ إن شاء الله ـ في مَن عنده من ملأ ، الشيخ الشهيد عبد الله الطوير .. الذي أبلى البلاء الحسن في كل المعارك التي خاضها ضد الفرنسيين في شمال تشاد ، فملأ صيتُه النفوس ، وشهِدتْ ببطولته وهاد وجبال ومرتفعات ورمال تشاد بكل خير .. وآثرت رفاته ليكون موئلاً ناعماً يتوسده ، ومنها يغادر إلى جنّات الله . وإن كان الفضل هو ما تشهد به الأعداء ، فإن الضابط الفرنسي المترجم الذي كان يرافق الحملة الفرنسية على منطقة زقَيَّْ ( Ziguei ) سنة 1908ف. ، يقول : " إن هذه العملية صعبة جداً ، حيث وجدنا الزاوية المستهدفة على مرتفع ، ويحيط بها سور كبير ، والزاوية تحت قيادة شيخ حازم ، هو الشيخ عبد الله الطوير ".. ومن المرجَّح أنه تلقّى تعليمه الأوَّلي في كتّاب النجع .. ثم تاقت نفسه إلى الاستزادة من علوم الدين والفقه ، فشدَّ الرحال صوب الجغبوب ومدرستها الشهيرة ، التي آوت إليها الكثير من أقطاب الجهاد والفقه آنذاك .. وكان من زملائه على مقاعد الدرس بالجغبوب الشيخ الشهيد (عمر المختار) .. فهو ـ إذن ـ من أتباع الطريقة السنوسية ، ومن الذين تولوا قيادة إحدى الزوايا السنوسية في شمال تشاد . ظل عبد الله الطوير ينهل من كتاب الله العزيز ، وينذر نفسه له .. يتعّهده بالقراءة والحفظ والمداومة ( وتحتفظ زاوية الجغبوب بمصحف مكتوب بخط يد عبد الله الطوير ) .. وبعد انتقال الولاية للسيد المهدي السنوسي ، رأى أن ينتقل من الجغبوب إلى الكفرة ، حيث أسَّس زاوية ( التاج ) الشهيرة هناك .. فانتقل الشيخ عبد الله الطوير مع مَن انتقل إلى واحة الكفرة ، موئل قبيلته ازوية ( جوّابة الصحراء ) . وقد بدأت الحملات العسكرية الفرنسية تصل إلى تشاد منذ سنة 1899ف. لمحاربة الأمير ( رابح بن فضل الله ) الذي انضم إلى دعوة المهدي في السودان ، ودانتْ له منطقة بحيرة تشاد بأسرها .. وقد بدأت الحملات العسكرية الفرنسية تصل إلى تشاد منذ سنة 1899ف. لاحتلال تشاد .. وتقول المصادر إنه في يـوم 9/11/1901ف. جرت معركة (بير علالي) الأولى بين المجاهدين من القبائل الليبية (الزوية , الطوارق, التبو , الحساونة- المغاربة ، القذاذفة، الشريدات ، اللهيوات ، ورفلة) وحلفائهم من ( قبائل التشادية ) من جهة ، وبين القوات الفرنسية التي لم تستطع الصمود أمام المجاهدين حيث تم فيها هزيمة الفرنسيين و مطاردتهم لمدة 7 ساعات و قتل فيها ميلوMillot قائد القوات الفرنسية فى تشاد و قائد للمعركة ( حسب مصادر فرنسية )القوات الفرنسية التي لم تستطع الصمود أمام المجاهدين .. وكان هذا أول صدام مسلح بين القبائل الليبية المتواجدة في تشاد والفرنسيين . وكان عبد الله الطوير على رأس المجاهدين الذين تصدُّوا للغزو الاستعماري التنصيري لتشاد ، وخاض عدةَ معارك موفّقة .. وسقط من رفاقه المجاهدين العشرات .. إذ سقط في معركة بير علالي التي جرت يوم 5/12/1902ف. مئة شهيد ، كان من بينهم ستون من قبيلة ازوية وحدها . وصل هذا المجاهد الفذّ إلى تشاد سنة 1902ف. ، وانضم إلى رفاقه المجاهدين في زاوية (كلكا) .. وكانت في الأساس منارةً لتحفيظ القرآن الكريم ، وتلقين مبادئ الإسلام لأهالي تلك المناطق البعيدة عن مصادر الإشعاع العلمي ، ثم أصبحت في ما بعد تتعاظم شوكتها ويتسع نفوذها ومدِّها .. الأمر الذي أقلق الفرنسيين الذين كانوا يبسطون نفوذهم على القارة السمراء ، وظلّت تحارب الزوايا الدينية هناك وتهاجمها ، وتغري الأهالي بالانضواء تحت الحماية الفرنسية .. ولم يكن هناك من بدٍّ أمام هذه الزوايا سوى الدفاع عن نفسها ضد الحملات الفرنسية المنظّمة ، فتشكّلتْ ( الأدوار ) الحربية التي كانت تتلقّى الدعم والتوجيه من السيد أحمد الشريف ، عن طريق مستشاره ( أحمد الريفي ) .. وهناك خطاب موجّه بتاريخ 25 رمضان 1335هـ. من المجاهد عبد الله الطوير إلى أحمد الريفي ، يُعلمه فيها بالانتصارات التي حقّقها المجاهدون على الفرنسيين ، ويطلب فيها المدد والسلاح .. ( الخطاب ذكره د. سعيد الحنديري في كتابه : العلاقات الليبية التشادية 1843 ـ 1975 )
وبعد استشهاد الشيخ ( البراني الساعدي ) رئيس زاوية كلكا يوم 20/4/1907ف. تمَّ تكليف عبد الله الطوير خليفةً له على دور زاوية كلكا .. وتمَّ دعم الزاوية بسبعين مقاتلاً من قبيلة (المجابرة) ، غادروا الكفرة بأسلحتهم ، للالتحاق بالزاوية . وعندما استلم قيادة الزاوية قام عبد الله الطوير بفتح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الدينية ، وتم َّ ضم مناطق ( تيقي ، يراردا ، واو ) لزاوية كلكا ، وقام الشيخ بتشجيع الزراعة في تلك المناطق ، وإرسال المنتوجات الزراعية إلى الكفرة ( بعد استقلال تشاد تمَّ استرجاع واحة عين كلكا لابن الشيخ عبد الله بحكم من المحكمة التشادية ) . ومنذ وصول هذه الزاوية لهذه المكانة الرفيعة في تلك الأصقاع ، وبروز أثرها الديني ما انفكّتْ الحملات الفرنسية توالي هجماتها لاقتحام الزاوية واحتلالها ، إلا أن الفشل المتكرر والإحباط الملازم لم يفارقا القوات الفرنسية ، فقامت بتصويب مدفعيتها الثقيلة صوب أشجار النخيل الممتدة من الزاوية إلى منطقة (فايا) ، وصبَّتْ نيرانها الكثيفة لحرق هذه الأشجار وإبادة المزروعات التي على زرعتها الشيخ عبد الله الطوير .. طمعاً في إجلاء هذا البطل ورفاقه المجاهدين من هذه الزاوية ، التي أصبحت شوكةً في حلق الفرنسيين .. لكن المجاهدين وقائدَهم الطوير صمدوا أمام القوات الفرنسية على مدى يومين كاملين صمودَ الأبطال ، الذين أرادوا الفوز بإحدى الحُسنييَن ( النصر أو الشهادة ) .. وكان لهم ما أرادوا .. وبالتدبير المحكم الذي رسمه الشيخ عبد الله الطوير تجسّدتْ روائع المجاهدين الليبيين التي لم نفارقهم أينما حلّوا ونزلوا .. مجاهدين ومناصرين لدينهم ولإخوانهم .. وتمَّ سحق القوات الفرنسية ، وقُتل نصف قواتهم ، ومن بينهم أربعة من ضباط الحملة .. وفرَّ من بقي من القوات الفرنسية ، وفي مقدمتهم قائد المعركة . وقام المجاهدون بقيادة الشيخ عبد الله الطوير بمطاردتهم ولإخراجهم من منطقة (بركو) التي تم تمشيطها وتطهيرها . ولم يكتفِ هذا المجاهد ببقائه محصَّناً في زاوية كلكا . فمنطقة تشاد لا تعني هذه الزاوية فقط ، بل إن كلَّ ما طالته أيدي الفرنسيين يجب افتكاكه منهم ومقاتلتهم عليه .. وهكذا ، فإنه وبعد احتلال الفرنسيين لمنطقة (واداي) دبّر هذا البطل هجوماً على مخيم للفرنسيين في منطقة (كانم) .. لأن ما حققه عبد الله الطوير من انتصارات كان مرجعه السرعة الحاسمة والتدبير الجريء وملاقاة العدو بجنان ثابت وعريكة لا تلين ولا تقبل الهزيمة ، وقبل الهجوم بعث برسالة لتوضيح مبررات هذا الهجوم ، إلى الشيخ (محمد السنِّي) أحد قادة الجهاد في تشاد ، يقول فيها : " هل تعلمون بأن في هذا البلد توجد مضايقات جمّة للمجاهدين ، حيث تمَّ احتلال المنطقة من الشرق ومن الغرب وهذا يضعف إيمان القبائل المحلية بديننا وهم يقومون بالهجرة نحو المناطق المحتلة من قِبل (المشركين) ومن المحتمل أن تدخل جميع القبائل المحلية تحت الرضوخ لمساعيهم المرتبة مسبقاً ، وبلغنا أن الفرنسيين يُعدُّون العدة للهجوم علينا ، لهذه الأسباب قررت الهجوم عليهم بأسرع وقت ممكن لكسب الوقت ، ولم أنتظر موافقتكم خوفاً من أن العدو يحشد قواته لمهاجمتنا وأن المجاهدين الذين يذهبون معي تسعون مجاهداً " .. وتحتشد مذكرات وتقارير الضباط الفرنسيين من الملازم (ديفور) و (بييري فونتين) و العقيد (هيرمان) والمقدم ( جوليان) بأنباء هذا المقدام الذي أقضَّ مضاجعهم أينما حلَّ ، وكيفما كانت وسيلته في مقاومتهم .. وكان هذا الرجل ـ الأسطورة يقود المجاهدين من نصر إلى نصر دون أن يتمكّن الفرنسيون من معرفة مكانه ولا حتى صفاته الشخصية .. وحتى عند استشهاده لم يتعرفوا عليه إلا عن طريق أشخاص آخرين من التشاديين الموالين لهم .. ليس هو فقط ، بل إن رفيقه في النضال والشهادة (عبد الرحيم الدلاّلية) كان يُعرف أيضاً باسم (عبد الرحيم بوحليقة) ، وكانوا يظنونه شخصين وليس شخصاً واحداً .. وكذلك الشهيد (محمد بوعريضة البرعصي)الذي كان يُعرف عند الفرنسيين مرةً باسم سيدي باريد ومرةً باسم السيد عفيف ( من مسودة كتاب عبد الله الطوير عن الفرنسية .. وهذه التقارير استقاها المترجم من الأرشيف التاريخي لوزارة الجيوش الفرنسية (Archives Historiques – Ministeres des Armees ) .. وفيما يلي نص رسالة الملازم (ديفور) إلى المقدم (جوليان) قائد دائرة واداي ( أبشّة) وقد ترجمها عن الفرنسية الأستاذ عبد الله الطوير حفيد الشهيد عبد الله الطوير : " أتشرف بمراسلتكم وإبلاغكم بأنه تمت مهاجمتنا هذا الصباح وعلى تمام الساعة الرابعة فجراً من قِبل (سيدي) عبد الله الطوير ورجاله البالغ عددهم ثلاث مئة رجل ونيف ، ويرافقهم في هذا الهجوم كلٌّ من محمد السنِّي وبعض الجنود الأتراك والقرعان والتبو ، وفي أول التحام (للعدو) بنا استطاع أن يتقدم بعد اشتباكات عنيفة وقصيرة ، ولكن سرعان ما انقلبت الأمور لصالحنا وذلك نظراً لتحصن جنودنا بالخندق الذي تم حفره استعداداً لهذا الهجوم وفق ما توافر لدينا من معلومات عنه مسبقاً ، واستطعنا إثر ذلك إبعادهم بعد تركهم عدد (67) من موتاهم و(63) بندقية و(6)غدّارات من طراز90 ، والتي سُلبت منّا في معركة (وشنكلي) ، كما تمَّ أثناء مطاردتنا للفلول الفارّة من (العدو) قتل أربعة رجال ، ومن المعتقد إثر هذا الهجوم أن (العدو) تكبّد عدداً كبيراً من الخسائر والجرحى . كنت عند وصول (سيدي) عبد الله الطوير ورجاله ضابطاً للغفر وتم عقب سماع دوي إطلاق النيران إطلاق صفّارات الإنذار تنبيهاً بوصولهم ، وجرت أحداث معركة مفاجئة وسريعة ، كما كان الجنود في أماكنهم ( ديفور _ Duffour ) . وهل ثمة شهادة منصفة أوضح من هذه الشهادة لهذا الرجل الذي ظل الفرنسيون يسبقون اسمه بكلمة ( سيدي ) أينما ورد في تقاريرهم ومراسلاتهم فيما بينهم ..؟ وهو في الوقت نفسه كان في غنى عن شهاداتهم له .. فما كان يؤمله ويكفيه هي شهادة رب العالمين له وتزكيته في العليين مع رفاقه البررة الكرام الذين ما انفكوا يقدمون الغالي والرخيص في سبيل نصرة دينهم وعقيدتهم فحيث دين الله .. وحيث المجد .. وحيث الصيت الحسن هناك مواقعهم يسعون إلى الجنة ويسارعون إلى مغفرة الله ورضوان , بل ويتنافسون عليها ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) وتشير المصادر التاريخية أن بتاريخ 26 / 2 / 1911 ف وصل إلى منطقة عين كلكا ضابط تركي معه بعض الجنود المسلحين , وبعد وصولهم سلم الضابط هدايا للشيخ عبد الله الطوير وابلغه بتعيينه من قبل الحكومة العثمانية كقائم مقام المنطقة (بركو) بكاملها , وطلب منه رفع العلم التركي في تلك المنطقة ، لكن الشيخ عبد الله الطوير رفض هذا العرض ، وطلب منهم الذهاب إلى المناطق التي يتواجد فيها الفرنسيون وتطهيرها منهم ، ليتسنّى لهم رفع العلم التركي على المناطق المحرّرة .بل طلب منهم مغادرة المنطقة .. لكنّ الشيخ قبِل بعد ذلك بهذا المنصب بناءً على أوامر قيادة المجاهدين في الكفرة لأسباب تكتيكية وسياسية ، ولإقحام الأتراك في محاربة الفرنسيين لمساعدة الليبيين في تشاد .. وهكذا تمَّ الاتفاق مع والي طرابلس بإرسال الرائد (رفقي) من مرزق ، وبرفقته مئة جندي ألباني مزودون بأسلحة مدفعية إلى منطقة بركو يوم 8/10/1911ف. .. وبتولّي الشيخ عبد الله الطوير قائمقاميّة منطقة بركو .. أبرق العقيد (لارجو)لرؤسائه في باريس ( برقية رسمية رقم 128) يقول فيها : " قائد كلكلا عبد الله الطوير عدونا اللدود ، تم تعيينه ممثلاً للحكومة العثمانية .. " ليعلم القارئ الكريم مدى مكانة هذا الرجل وسطوته على الفرنسيين الذين كانت ترتعد فرائصهم بمجرد ذكر اسمه أمامهم .. ويقر العقيد ( لارجو ) بذلك صراحةً , حيث يقول في مراسلة لقيادته في باريس : " إن ( العدو ) لا يرغب فقط في أخذ الإبل ولا يرغب في النهب ولكن يرغب في تدميرنا .. " إلى أن يقول : " وبعد الضربات المتوالية من قبل الليبيين حبطت عزائمنا وتقلصت هيبتنا خاصة بعد هزيمتنا في كلكا وواشنكلي ( وهي بقيادة عبدالله الطوير )" .. ولذلك تخلى الكثير من الأشخاص الذين كانوا تحت لوائنا وطاعتنا وانضموا ( للعدو ) .. وأن الأوضاع تغيرت من بدابة شهر السادس حيث أصبح الشيخ عبدالله الطوير هو المسؤول الحقيقي في بركو . إذن لم يكن دور هذا المجاهد القائد هي ضد هجوم الفرنسيين والدفاع عن النفس ومناصرة مسلمي تشاد .. بل تعدّاها إلى دعوة من بقي على وثنيته أو نصرانيته من التشاديين لمبادئ الإسلام وتعاليمه الحنيفة والانضمام إلى مجاهدة الفرنسيين الذين كانوا يتوقون إلى رفع الصليب في تلك الربوع الزنجية التي عرفت الإسلام والعرب الفاتحين منذ ما قبل مملكة (تمبكتو) الإسلامية العظيمة.
إن حرب العصابات التي اعتنقها المجاهدون بقيادة عبد الله الطوير جعلت القوات الفرنسية تعيش هاجس الخوف والرعب في كل لحظة تحسّباً لكر المجاهدين عليهم .. الأمر الذي جعل الفرنسيين يفشلون حتى في حماية من استظل بظلهم ، وتوفير القدر اللازم منها للعناصر التشادية الموالية لهم ، مما استدعى جلّ هذه العناصر لتعيد النظر ، بل وتشكك في قدرات القوات الفرنسية على حمايتهم .. ولهذا قرّر الحاكم العسكري لإقليم تشاد التوجه على رأس قوة كبيرة لمهاجمة الجاهدين الليبيين في عقر دارهم ، واحتلال زاوية كلكا التي يقودها بمهارة قتالية عالية الشيخ عبد الله الطوير .. حدث ذلك يوم 6/9/1908ف. .. لكن القوات الفرنسية مُنيتْ بهزيمة شنعاء ، وفر جنودها .. وفي يوم 27/11/ 1909ف. هاجم الشيخ عبد الله الطوير صحبة 300 مجاهدا معسكراً فرنسياً يقوده الملازم موتو (Moutot ) ، فما كان من خيار أمام الفرنسيين سوى الفرار ، تاركين معسكرهم وكل ما يوجد بداخله من جنود ، حيث تم أسرهم .. وقد بلغت خسائر الفرنسيين 37 قتلى و43 جرحى من بينهم قائد المعسكر (موتو) .. وقد سلبهم المجاهدون 28 بندقية و 4000 إطلاقة ، وساقوا أمامهم المواشي والإبل ، بل وأخذوا خزينة المعسكر وأرشيفه . ودونما ترتيب زمني للأحداث ، أورد هنا ( ومن الأرشيف التاريخي لوزارة الجيوش الفرنسية ، وبترجمة دقيقة للأستاذ عبد الله الطوير ) هذه المقتطفات ، لتدلنا على صفات هذا الرجل ـ العلم ، الذي ارتجت منه ومن بطولاته القيادة الفرنسية في تشاد .. والتي لم تستقر لها الأمور فيها إلا بعد استشهاده واستشهاد رفاقه من بعده في ميدان الوغى .. فبقيت فرنسا في تشاد حتى سنة 1960ف. ، ولم تخرج منها إلا بعد أن نصّبتْ فيها أحد مواليها ، وهو )فرانسوا تومبلباي) الذي كان فرنسياً أكثر من الفرنسيين أنفسهم ! . ـ في مايو 1904ف. قام المجاهدون بهجوم مفاجئ على القوات الفرنسية في بير علالي وأخذوا الجمال التي يستخدمها الفرنسيون في تنقلهم ، كما قام المجاهد عبد الله الطوير بهجومات ليلية على القوات الفرنسية ، أبرزها الهجوم على منطقة زقَيّْ ، وتمكّن من صد هجوم فرنسي على المجاهدين يوم 19/6/1904ف. ـ خلال الفترة ( 1902 ـ1907 ) لم تستطع القوات الفرنسية التوغل في الدواخل ، وتركزت العمليات العسكرية التي كان يقوم بها المجاهدون على الحرب الخاطفة والهجمات الليلية لإحداث نوع من الإرباك بين صفوف الفرنسيين ، معتمدين في ذلك على الجمال كوسيلة مواصلات لا يتمكن الفرنسيون من محاصرتها . ـ في 27/11/1909ف. هاجمت مجموعة من المجاهدين بقيادة عبد الله الطوير معسكراً فرنسياً بالقرب من منطقة زقَيّْ فأبادوه واستولوا على 26 بندقية مع 6000 طلقة ، ونتيجةً للهزائم المتلاحقة التي مُنيتْ بها القوات الفرنسية على أيدي المجاهدين في مختلف المناطق ، كلَّفتْ الحكومة الفرنسية العقيد لارجو ( Largeau ) سنة 1910ف. بأدارة العمليات العسكرية في شمال تشاد ( سُمّيت منطقة فايا فيما بعد باسم فايا لارجو ) والقضاء على حركة المقاومة الليبية. ـ في 1909ف. أباد عبد الله الطوير في منطقة (وشنكلي) في إقليم (أنيدا) كتيبةً كاملةً من الهجّانة (المهاريستا) الفرنسية وأسر عدداً كبيراً من النساء والأطفال الفرنسيين ، أُخذوا إلى دور كلكا. وكان الموعد الأعظم في ( أم العظام ) .. حيث اختار الله إلى جواره الكريم عبد الله الطوير ، بطلاً شهيداً ويدخله الجنة بغير حساب ، بل ويشفّعه في سبعين من آل بيته كما يقول الحديث الشريف .. ولتضم تلك الربوع النائية رفاته الطاهر .. ويظل مفخرةً لنا جميعاً ، ومثلاً ُيحتذي به الرجال أبناء الرجال .. ومثلما كان عظيماً مهيباً في حياته .. كان كذلك في موته ، إذ تخيّر له القدر ميتةً رائعةً في ساحة الوغى .. كان ذلك عام 1913ف. ( وليس كما ورد في بعض المصادر! ) حيث استشهد في منطقة أم العظام غرب فايا .. مات ليس في موقف المدافع عن نفسه ، المتحصن خلف أسوار محصنة ، بل وهو في موقف المهاجم المقدام الذي لا يهاب الموت .. وأصيب بجُرح بليغ ، لكنه لم يرضَ أن يسقط في أيدي أعدائه .. بل فضّل أن يموت بعيداً عنهم .. وهكذا أسلم روحه على بعد كيلومترات قليلة عن المعسكر الذي هاجمه ، مات بين رفاقه المجاهدين .. ولم يكد الفرنسيون يتعرفون على جثته حتى هلّلوا وفرحوا لتخلّصهم من هذه الأسطورة السوداء التي شغلتهم خمسة عشر عاماً كاملاً .. وإمعاناً في تشريفه والتشرّف به فقد تزوج المجاهد المعروف ( قجّة عبد الله ) من أرملة الشهيد الطوير .. فهي ذرية بعضها من بعض . رحِم الله عبد الله الطوير .. وألحقَنا به مؤمنين لا مبدّلين ولا مغيّرين .. وارزقنا اللهم جواره مع النبيين والصديقين ، وحسُن أولئك رفيقاً . (انظر كتاب الأستاذ مصطفى السعيطى ص370 اجدابيا تاريخا وأعلامها) مقال فى الجريدة الفرنسية بتاريخ 1913 ترجمة : قام عبدالله طوير سالطان البركو بهجوم مفاجىء يوم 23 مايو فى أم العظام على معسكرنا كرد فعل على فيام أمر المنطقة الملازم ديفور قبل ثمانية أيام بأعتراض و أسر قافلة بالقرب من منطقة واو بقيادة صالح بوكريم خصمنا القديم. و قد كانت القافلة فى طريق عودتها من دار فور محملة بالأسلحة و كميات كبيرة من العاج بغرض تهريبها الى منطقة كلكة و توفى سيدى عبدالله طوير أثر الجروح التى أصيب بها فى المعركة.

اعلان

احصل على القالب من عالم المدون

الصفحات